خطوات ثقيلة ورحلة إنسانية في قلب النصيرات

- غزة تنهض من جديد أمام ويلات الحرب
- قلوب الغزيين على وطنهم الذي يفاخر بهم
في صباحٍ مثقلٍ بالغبار والرماد، يسير رجل فلسطيني على جسرٍ في النصيرات، يحمل ما تبقّى من حياته بين ذراعيه. حقيبة صغيرة، بطانية، وربما بعض الصور التي لم تحترق بعد. خطواته بطيئة، لكنها واثقة، كأنها تعرف أن لا طريق آخر سوى المضيّ قُدمًا، رغم أن كل شيء خلفه ينهار.
اقرأ أيضاً : دفء عائلي وسط أنقاض الحرب.. لمحات إنسانية من غزة المحاصرة
ذلك الجسر ليس مجرد طريقٍ عابر، بل شاهد على عبور الألم. تحته صرخات الأطفال، وفوقه ثقل الفقد. كل حجرٍ فيه يحفظ حكاية بيتٍ سُوِّي بالأرض، أو قلبٍ فقد من يحب. في عيني الرجل، اتساع صحراء من الحزن، وفي صمته ضجيج مدينةٍ احترقت ولم تمت.
ما يحمله الرجل ليس مجرد متاع، بل ذاكرة وطنٍ بأكمله، ربما في تلك الحقيبة ورقة كُتب عليها اسم طفلٍ فُقد، أو قطعة قماش تحمل رائحة أمٍ رحلت. لا أحد يعرف، لكنه يعرف جيدًا أن ما يحمله أثمن من أي شيء آخر، لأنه آخر ما تبقّى من حياته قبل الحرب.
خطوات من الصمود
يمشي وحيدًا، لكن خلفه أمة كاملة تمشي معه، ملايين الأرواح التي لم تجد بعد طريقها إلى الأمان.. كل خطوة يخطوها، تُعيد إلى العالم معنى الصمود، ومعنى أن تكون إنسانًا في زمنٍ صار فيه البقاء فعل بطولة.
وفي تلك اللحظة التي التقطت فيها عدسة المصوّر الصورة، لم تكن مجرد لقطة إخبارية، بل لحظة إنسانية خالدة. رجلٌ واحد، يعبر الجسر، يحمل وجع فلسطين كلّها على كتفيه، ويمضي بصمتٍ نحو المجهول، لكن بعينين لا تزالان تريان الأمل في آخر الطريق.
