من غــزة إلى شفا بدران... "إيليا تُدفن هنا وتُحيا بدعائكم"

- إيليا رحلت بألم الحرب ووجع لم يلتئم
- والد إيليا يستذكر فلذة كبده بعبارات مؤثرة
- والد إيليا:"زوروا قبرها"
في واحدة من أكثر اللحظات وجعًا في الذاكرة الإنسانية، أطلق الغزي أحمد يونس نداءً صادقًا وحنونًا من قلب والد مكسور، يناشد فيه الأردنيين الدعاء لابنته الصغيرة إيليا، التي لم يحتمل جسدها الغض أوجاع الحرب، فغادرت الحياة
شهــيدة تحت جناح الألم، رغم النجاة من تحت الأنقاض.
اقرأ أيضاً : وجوه صغيرة تسرق الحياة من بين أنياب الحرب
إيليا، الطفلة التي حملها والدها من ركام غــزة إلى العاصمة عمان، كانت تحلم فقط بالحياة، بالشفاء، بلعبة صغيرة، أو حضن آمن، لكنها وصلت إلى أحد المستشفيات مثقلة بحروق من الدرجة الرابعة وتسمم في الدم، بعد تأخر مؤلم
في الإخلاء الطبي. لم تكن إصاباتها جرحًا فحسب، بل كانت شــهادة حية على وحشية الحرب وتأخر الرحمة.
صورة غائبة ورحيل صامت
صورتها الغائبة، وهي تُقاوم في صمت، سيطرت على إنسانية روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، فتدفقت التعليقات التي تُفطر القلوب، لكنها أيضًا تُثلج صدر والدها، وتمنحه عزاءً معنويًا في وجه الفقد الكبير.
كلماتهم كانت بمثابة شموع تُضيء ظلام الحزن، وأدعية ناعمة تهمس باسم "إيليا" في السماء.
"زورا قبرها"
وكتب والدها أحمد يونس على حسابه منشورًا يقطر حزنًا، لكنه كان مليئًا بالامتنان أيضًا، فقد وجد في الأردن قلوبًا احتضنت طفلته، وطاقمًا طبيًا لم يدخر جهدًا في محاولة إنقاذها. قال:
"استقبلونا بقلوب تبكي معنا... لكن حالة طفلتي إيليا كانت صعبة".
لم تكن الطفلة وحدها في لحظة الرحيل. ودّعها الأطباء، الطاقم، ووالدها بدموع تسابق الصمت. ووري جسدها الطاهر الثرى في مقبرة شفا بدران.
"إذا مررتم من هناك، زوروا قبرها... ادعوا لها... فكل دعوة من قلوبكم، حياة في عالمها الجديد".
هكذا اختتم الأب المكلوم رسالته، التي حملت بين سطورها وجع الآباء في غزة، وأحلام الأطفال التي تذبل قبل أن تنمو.
إيليا لم تكن فقط ابنة أحمد... كانت ابنة الإنسانية، واحدة من آلاف القصص التي لا تروى، وضحية أخرى من ضحايا الحروب الذين لا يملكون سلاحًا سوى البراءة.
من أبٍ مكسور، من قلب فلسطين الجريح، إلى كل قلبٍ أردني كريم: إيليا تستحق أن تُذكر، وتُزار، وتُدعى لها... فهي الآن في عالمٍ جديد، لا قصف فيه، ولا ألم.