طفولة محاصرة.. بحث يائس عن الدفء بين النفايات والدمار

منوعات|2025/11/25
طفولة محاصرة.. بحث يائس عن الدفء بين النفايات والدمار
أطفال فلسطينيون نازحون يبحثون عن مواد يمكن استخدامها كوقود للطهي وسط كومة من النفايات في مخيم البريج
  • شهادة أخرى على قوة شعب مناضل ومقاوم
  • مشاهد تفطر القلوب تزيد من وجع القلوب قهرا

في مشهد يوجع الروح قبل العين، يقف أطفال فلسطينيون نازحون في مخيم البريج، يبحثون بين أكوام النفايات عن أي شيء يمكن أن يتحول إلى وقود لطهي ما تبقى لهم من حياة.

اقرأ أيضاً : سينما تحت السماء المفتوحة… رسالة بأن غزة ما زالت حيّة - صور

ليست هذه صورة عابرة، بل شهادة أخرى على قسوة عالم نسي براءة هؤلاء الصغار، وتركهم يواجهون الرماد بدل الدفء، والرائحة الخانقة بدل هواء الطفولة. هنا، يصبح النبش في القمامة فعلاً من أفعال البقاء، لا خيارًا ولا رغبة.

هؤلاء الأطفال الذين كان يفترض أن يمتلئ يومهم بالضحكات والألعاب، وجدوا أنفسهم وسط ركام المباني المهدّمة يبحثون عن بقايا خشب أو قطع بلاستيكية تُشعل نارًا صغيرة، علّها تمنح أسرهم فرصة لطهي وجبة متواضعة.

لم يعد الجوع مجرد شعور، بل أصبح رفيقًا يوميًا يدفعهم لاجتياز حدود الخوف والاشمئزاز والضعف، نحو ما لم يكن يومًا مكانًا للأطفال.

رائحة النفايات، منظرها المقيت، ملمسها القاسي… كل ذلك يتلاشى أمام الحاجة، الحاجة التي لا تعرف طفولة ولا رحمة.. الحاجة التي دفعت هؤلاء الصغار ليتعاملوا مع أكوام القاذورات كأنها كنز قد ينقذ يوماً من أيامهم القاسية، وحدها البطون الخاوية قادرة على أن

تجعلهم يغضّون الطرف عن كل ما كان يُفترض أن يخيفهم.

ذنب الصمت

ومع كل قطعة يلتقطونها، يلتقط العالم ذنبًا جديدًا، ذنب الصمت، وذنب العجز، وذنب الاعتياد على مشاهد الفقر والقهر. خلف هذه العيون الصغيرة تختبئ حكايات موجوعة، وحيرة أكبر من أعمارهم، وأمل يَصرُخ بصوت خافت: "نريد أن نعيش فقط". لا يريدون

أكثر من حق بسيط؛ حياة بلا خوف، بلا جوع، بلا دمار.

ورغم كل الحزن الذي يغطي المشهد، يبقى هناك ما يجعل الصورة أعظم من الألم: إصرارهم، فهؤلاء الأطفال، برغم كل شيء، يبحثون… يتحركون… يحاولون، كأنهم يرفعون راية صامتة تقول إن الحياة تستحق القتال، حتى لو كان السلاح هو عود خشب يُلتقط من

بين القمامة، وإن كان العالم قد نسي براءتهم، فإن مقاومتهم الصغيرة للعيش تظل أعظم دليل على أن الأمل لا يموت، بل ينبت حتى في أكثر الأماكن قسوة وظلامًا.