هنا غزة… حين يتعلم الصغار معنى النجاة بدل الطفولة

- أحلام البراءة تتلاشى أمام وجع القطاع المكلوم
- مشاهد قاسية توجع القلوب في القطاع المحاصر
في مشهد بسيط لكنه مؤلم ، يجرّ طفل عربة الماء في مخيم البريج، يضع كل ما تبقى لديه من قوة في دفع ما هو أثقل من جسده الصغير. حوله أطفال آخرون يساعدونه، ليس لأنهم يحبون اللعب سويًا، بل لأن الحياة في غزة علّمتهم أن الطفولة ليست مرحلة لللهو، بل معركة يومية من أجل
البقاء.
اقرأ أيضاً : دفء عائلي وسط أنقاض الحرب.. لمحات إنسانية من غزة المحاصرة
الماء، وهو أبسط متطلبات الحياة، صار عبئًا يُحمل على أكتاف الصغار بدل أن يكون حقًا يصل إلى بيوتهم بلا عناء.
واقع قاس
أمام هذا المشهد، تسقط كل الكلمات، لأن البراءة حين تُحمّل ما لا تُحتمل، تصبح الإنسانية في امتحان دائم، يدي هذا الطفل الصغير ليستا لجرّ العربات، بل لكتابة الدروس، ولرسم الأحلام، وللإمساك بيد أمه وهو يركض قادمًا إلى البيت، لكن الواقع القاسي في القطاع بدّل معاني الأشياء: الطريق
مدرسة، والشارع ملعب، والماء مهمة يومية لا تحتمل التأجيل.
هذا الوجع لا يتوقف عند حدود التعب الجسدي، بل يتسرب إلى الروح، كيف يمكن لطفل أن يفهم لماذا حُرم من حقه البسيط في الطفولة؟ ولماذا صار عليه أن يكبر قبل أوانه؟ هنا، يصبح الوطن قصة ثقيلة على أكتاف الصغار، وطن يحمّل أبناءه عبء الحصار بدل أن يمنحهم فسحة للحياة. ومع
ذلك، لا يزالون متمسكين به، كأنهم هم من يربّتون على روحه الجريحة وليس العكس.
نبض حياة محاصرة
ورغم دخول آلاف الأطنان من المساعدات، تبقى الحاجة أكبر من كل ما يُقدّم، لأن المشكلة ليست فقط في الغذاء والماء، بل في الزمن الذي يُسرق من هؤلاء الأطفال، وفي الأحلام التي تُقمع عند بوابة الواقع. المعاناة هنا ليست رقمًا في تقرير، بل نبض حياة محاصرة داخل أجساد صغيرة، تُصّر
على الاستمرار رغم كل شيء.
وهذا المشهد على سبيل المثال لا الحصر، شاهدًا على قصة قطاع كامل، قصة كتبتها الدموع قبل الحبر. أطفال غزة لا يصرخون ولا يشتكون، لكن خطواتهم وهم يدفعون العربة تقول كل شيء: نحن ما زلنا هنا، نحمل وطنًا أثقل منّا، لكننا لا نسقط.
