في مواجهة الشمس والقصف والجوع... دعاء لا ينكسر

Trending|29/07/25
في مواجهة الشمس والقصف والجوع... دعاء لا ينكسر
فلسطينية تبكي بعد ان فقدت أقربائها في القطاع
  • الصبر والإرادة يسيطران على المشهد في القطاع الموجوع
  • قصص الصمود في القطاع رسائل تاريخية يصعب وصفها

تجلسُ تحت حافة جدارٍ نصف مهدوم، تلتف بعباءةٍ أكلها الغبار، تبكي بصمتٍ يشبه ضجيجَ المدن المحطمة، لم تكن دموعها على الحاضر فقط، بل على ماضٍ مضى، وأحباء فرّقتهم الحرب أو الغياب، وتركوها تقتات على الذكريات في ظل زمنٍ لا يرحم. في عينيها

حزنُ ألف وداع، وفي يديها تجاعيدُ خذلانٍ طويل.

اقرأ أيضاً : الجوع يزحف والخبز يبتعد... غزة في مرمى الألم

لم يبقَ لها سوى ظلّها، تراقبه يتمدد على الأرض الساخنة، كأنّه آخر من بقي بجوارها، كل ما حولها مكسور: الحجارة، الأشجار، حتى الأصوات صارت مشوهة.

صمت يجاورها أمام زخم الحرب

تتذكر وجوهاً كانت تملأ المكان دفئاً وحديثاً وضحكات، أما الآن، فالصمت يجاورها ويكاد يقتلها، تحاول أن تستعيد ملامح من أحبّت، لكنها تخاف أن تنساهم، أن تموت الذكرى كما ماتوا هم.

الجوع صار رفيقاً لها، لا يسأم الحضور، والقصف لا يهدأ، كل يوم يحمل احتمال النهاية أو بداية وجعٍ جديد. ورغم التعب، لا تستسلم، تحدّق في السماء كمن يطلب تفسيراً، لكنها لا تنتظر إجابة، بل فقط نسمة هواء، أو غيمة عابرة، أو رحمة مؤقتة من حرّ الشمس

الذي يجلدها كل صباح.

صوت خافت لكنه ثابت

وفي كل لحظة فراغ بين ضربة وهدنة، ترفع يديها المتشققتين إلى السماء، تدعو الله بكل ما بقي في قلبها من رجاء… صوتها خافت، لكنه ثابت، كما لو أنها تهمس بوجع العالم كله تقول: "يا رب، أنت الأعلم بي، فارفع هذا البلاء، وارزقني الصبر حين لا يبقى

سواه" إيمانها لا يتزعزع، وكأنها ترى الغيب بعين من يعرف أن الله لا ينسى أحداً.

ما تبقى لها ليس كثيراً، لكنه أغلى من كل شيء: كرامتها، صبرها، صمودها هي لا تطلب شفقة، بل فقط أن يُرى ما لا يُقال، أن يُفهم كيف يمكن لإنسان أن يظلّ واقفاً وسط هذا الركام كله، دون أن ينكسر. حكايتها ليست عن البكاء فقط، بل عن البقاء، عن أن تعيش

رغم كل شيء، وتحب رغم الفقد، وتؤمن رغم الخيبة.

وقوفها صبر

هذا الصمود، الذي لا تراه الكاميرات ولا تلتقطه العناوين، هو بطولة لا تحتاج ضوءاً.. امرأة وحدها، في صمتها ألف قصة، وفي دمعتها صلاة، وفي وقوفها درسٌ في المعنى الحقيقي للقوة. هكذا تمضي الأيام، لا يحملها أحد، لكنها تمضي، لأن من يشبهها لا يعرف

السقوط، حتى لو كان محاطاً به من كل الجهات.