في قلب الركام... غزية تغسل الوجع بالذكريات

Trending|10/07/25
في قلب الركام... غزية تغسل الوجع بالذكريات
غزية تنظف آثار الدمار في منزلها بالقطاع
  • القطاع بين وجع الحاضر والشوق إلى الماضي
  • الركام شاهد على مأساة شعب يجابر أمام قهره

في أحد أركان الحي المدمّر، حيث تتشابك الغبار مع شظايا الذاكرة، عادت امرأة إلى منزلها المهدّم. لم تكن العودة بحثًا عن مأوى، بل محاولة صامتة لاستعادة ما يمكن من الحياة، كانت تمشي بين الركام بخطى حذرة، كأنها تخشى

أن تدهس ذكرى، أو توقظ حنينًا نائمًا بين الحجارة.

اقرأ أيضاً : أمّهات غــزة.. وجعٌ على الوجع وصمود لا يلين

بثوب صلاة احتفظت به من بين كل ما فُقد، سترت به جسدها وجلست فوق حجر، وبدأت تزيل قطع الزجاج المتناثرة. لم تكن تنظف المكان فقط، بل كانت تلمّ ما تناثر من روحها في الزوايا.

التقطت صورة مطموسة من تحت الأنقاض، مسحتها بيدها المرتجفة، ثم ضمّتها إلى صدرها وكأنها تحتضن قلبًا غاب ولم يغِب.

في صمت الحي المقطّع، صار صوت المكنسة التي تحركها على الأرض لحنًا خافتًا للحياة، لا ماء في البيت، لا كهرباء، ولا حتى جدار مكتمل، ومع ذلك كانت تمارس طقوس البقاء.

رائحة الطفولة العالقة

رتّبت ما تبقى من الأطباق، وجمعت وسادةً علِقت بها رائحة الطفولة، ونفضت الغبار عن زاوية بدت وكأنها ما زالت تنتظر أصحابها.

هي لا تنتظر معجزة، ولا تبني قصورًا من أمل، لكنها ترفض أن تنكسر. الحروب جرّدتها من الأحبة والمكان وحتى الوقت، لكنها تمسّكت بإرادة تشبه الصلاة الصامتة. تمشي بين الجدران التي ذابت تحت نيران القذائف، تحدّثها

أحيانًا، وتبتسم، كأنها تواسيها وتقول: "ما زلنا هنا."

"هذا بيتنا، ولو صار ترابًا"، تهمس وهي تزيح حجرًا من أمام عتبة الباب. لا تحمل هاتفًا لتوثق، ولا تنتظر أن يراها أحد، لكنها شاهدة على الألم، وعلى ما تبقّى من كرامة تحت الأنقاض. امرأة لا تبكي، بل تنظف مساحة لأملٍ

عنيد، لا يموت.

أخبار ذات الصلة