برد قاسٍ فوق الخيم… الغزيون يلاحقون شعلة دفء وسط العراء

منوعات|2025/11/26
برد قاسٍ فوق الخيم… الغزيون يلاحقون شعلة دفء وسط العراء
غزيون يحصلون على الدفء داخل خيمهم وسط القطاع
  • البرد يغزو القطاع وسط تشريد الآلاف في العراء
  • الغزيزن يبحثون عن الدفء وسط إمكانات شحيحة

في قطاع غزة المنهك، يفرض البرد القارس حضوره القاسي على عشرات الآلاف من العائلات التي فقدت منازلها ولم تجد ملاذًا سوى خيم مهترئة لا تقي حرًّا ولا بردًا، ومع كل ليلة يهبط فيها الشتاء بثقله، تتضاعف معاناة النازحين الذين يواجهون الطقس

العاصف بأدوات بسيطة وإمكانات شبه معدومة. فالخيمة التي تجمع الأسرة صارت عبئًا أمام الرياح التي لا ترحم، ورقائق النايلون لم تعد قادرة على صدّ المطر الذي يتسلل بين ثناياها.

اقرأ أيضاً : طفولة محاصرة.. بحث يائس عن الدفء بين النفايات والدمار

تحت هذا الواقع المرير، يتجمع الرجال والنساء والأطفال حول نيران صغيرة أشعلوها من قطع خشب مكسّرة أو أثاث تهالك أو بقايا مواد قابلة للاشتعال جمعوها من الركام. النار التي كانت رمزًا للدفء باتت اليوم وسيلة صعبة للبقاء، يُحافظون عليها بشقّ

الأنفس لأنها الملجأ الوحيد وسط ليالٍ تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل خطير. بعض العائلات تحرق ما تبقى من ممتلكاتها، فقط لتمنح أطفالها شيئًا من الحرارة قبل أن يداهمهم الصقيع.

مشاهد قاسية

وفي المخيمات المكتظة، تتسرب أصوات الأطفال المرتجفين وهم يطلبون مزيدًا من الدفء، بينما تحاول الأمهات تغطيتهم بثياب بالية لا تكفي لمواجهة شتاء بهذا العنف.

كثيرٌ من الصغار ينامون على أرضية رطبة، مفترشين البطانيات القليلة التي لم تهترئ بعد. ومع كل موجة برد، تتزايد حالات المرض بين كبار السن والأطفال، في ظل نقص حاد في الأدوية والرعاية الطبية.

أما الرجال، فيتنقلون بين الخيمة والعراء بحثًا عن أي مادة يمكن أن تُشعل نارًا جديدة، جمعًا لأغصان، أو خشب، أو حتى قطع بلاستيكية رغم خطورتها. فالمعادلة باتت قاسية: إما الدفء الملوث بالدخان، أو البرد الذي قد يخطف الأرواح. الكل يعرف أن هذه

النيران أشبه بإنقاذ مؤقت، لكنها تبقى الخيار الوحيد في غياب الكهرباء والوقود ووسائل التدفئة الأساسية.

ورغم هذا الظلام الثقيل، لا تزال روح الصمود تتجلى في تفاصيل يومية صغيرة؛ في أمٍّ تشارك بطانيتها مع أطفال الجيران، وفي أبٍ يشعل نارًا مشتركة لعائلات عدة، وفي شباب يبذلون جهدهم لترميم خيم تهددها الأمطار. إنها غزة التي تعلّم العالم دائمًا كيف

يمكن للحياة أن تستمر، حتى تحت وطأة البرد والمعاناة والحرمان، وكيف يظل الإنسان قادرًا على خلق دفء من قلب الرماد.