إنقاذ الفاشر… إنقاذ ما تبقى من الروح وأصوات تبكي الوطن المجروح

- السودان تحت وطأة الألم والقهر والحسرة
- مشاهد في السودان تثير الاستياء والحسرة
في قلب السودان، تتجسّد المأساة الإنسانية بأبشع صورها، حيث يستيقظ الناس كل يوم على أخبار جديدة من الألم والفقد، وما يحدث في الفاشر وكردفان ومدن أخرى ليس مجرد صراع عسكري، بل هو نزيف مستمر لروح الوطن، يطال كل بيت ويترك في القلب ندبة لا تزول، و تتناثر العائلات بين
النزوح واللجوء، ويضيع الأطفال بين صراخ الحرب وغياب الأمان، فيما تبقى الأمهات على حافة الانهيار بانتظار من يعود أو خبر يطمئن قلوبهن التي أثقلها الخوف.
اقرأ أيضاً : الفاشر... مدينة سقطت وبقي الوجع شاهداً
في المظاهرات التي تشهدها المدن السودانية، ترفع امرأة لافتتها وتكتب "#أنقذوا_الفاشر"، ليس فقط كعبارة احتجاج، بل كصرخة حياة... هذه الصرخة تحمل في طياتها الخوف على أهلها، والحنين لمدينتها التي تتآكل تحت النار، والرغبة في أن يسمع العالم أن هناك شعباً يُقتل وتُسلب مدنه أمام
أعين الجميع. إنها صرخة ليست فردية، بل صوت آلاف مثلها، كلهم يبحثون عن وطن يتوقف فيه الرصاص، وتعود فيه الطرقات آمنة، وتسمع فيه ضحكات الأطفال من جديد.
تقاسم رغيف خبز
وفي ظل هذا الواقع، تستمر المعاناة بصمتٍ يوجع أكثر من الدخان والدمار، والمجتمعات هناك تحاول أن تتشبث بالحياة رغم كل شيء، يتقاسم الناس رغيف الخبز، وماء الشرب، وقطعة الأمل الصغيرة التي تُبقي الروح على قيد التماسك. المستشفيات تعمل بأدنى إمكانيات، والمدارس تتحوّل إلى
ملاجئ، والمساجد والكنائس إلى أماكن للتعزية والنجاة الروحية، بينما يغيب صوت الدولة وتعلو أصوات الخوف والقلق.
ومع انتقال المعارك إلى مناطق جديدة مثل كردفان، يصبح المشهد أكثر تعقيداً، والذين فرّوا من دارفور لا يجدون ملاذاً آمناً، بل يلاحقهم الخطر إلى الجنوب والشرق، وتضيق الأرض بهم، وكأن الوطن يتقلّص شيئاً فشيئاً أمام أعينهم. لا أحد يعرف إلى أين يمكن أن يذهب أو متى ستنتهي هذه الدائرة
المؤلمة من العنف والنزوح.
في النهاية، يبقى السؤال معلقاً في سماء السودان: من سينقذ هذا الشعب المنهك؟ ليست القضية صراعاً على سلطة أو نفوذ فقط، بل قضية بقاء، وإن إنقاذ الفاشر ليس شعاراً عاطفياً، بل نداء لإنقاذ وطن يذوب بين نار الحرب وصمت العالم. وما من شيء أثمن من حياة الإنسان، وما من وطن يستحق
أن يُترك وحيداً أمام هذا الألم العميق.
