بحر من الفرح احتفاءً بتتويج المغرب بمونديال للشباب

- التاريخ يُكتب باللونين الأحمر والأخضر
في مشهد لم تعهده العاصمة المغربية من قبل، تحولت شوارع الرباط اليوم الأربعاء إلى كرنفال جماهيري ضخم، ابتهاجاً بالإنجاز الكروي التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم تحت 20 عاماً.
اقرأ أيضاً: منتخب الشابات يبدأ معسكره في البوسنة استعداداً لنهائيات آسيا
جابت حافلة مكشوفة تقل أبطال "أسود الأطلس" شوارع المدينة، وسط أجواء احتفالية شعبية غير مسبوقة، احتفاءً بتتويجهم بلقب كأس العالم للشباب لأول مرة في تاريخهم وتاريخ الكرة العربية.
تجمهر الآلاف من مختلف الأعمار على أطراف الطرق الرئيسية، مشكلين "نهراً بشرياً" من الفرح والحماس، لتحية اللاعبين الذين صعدوا فوق الحافلة المكشوفة، رافعين الكأس الذهبية عالياً، في لقطات امتزجت فيها دموع الفرح بالفخر الوطني. الردود الجماهيرية لم تقتصر على الهتافات، بل شملت الأغاني والأهازيج التي عكست اللحمة بين الشعب والمنتخب الذي رسم البسمة على وجه الأمة.
مشوار الأبطال: إنجاز أسطوري في مونديال الشباب
لم يكن تتويج المنتخب المغربي مجرد فوز، بل كان تتويجاً لمشوار أسطوري بدأ بالتحدي وانتهى بالمجد. نجح "أسود الأطلس" في تحقيق لقب كأس العالم للشباب بعد مسيرة استثنائية أطاح خلالها بكبار المنتخبات العالمية.
بدأ المنتخب المغربي البطولة بقوة، وتمكن من تجاوز منتخبات عريقة في دور المجموعات، من بينها إسبانيا، بطلة نسخة 1999، والعملاق اللاتيني البرازيل، صاحبة الألقاب الخمسة.
هذه الانطلاقة القوية كانت بمثابة جرس إنذار للمنافسين بأن بطلاً جديداً يزحف نحو القمة.
ومع دخوله مراحل خروج المغلوب، ازدادت صعوبة التحدي، لكن "الأسود" كانوا على قدر المسؤولية.
تجاوزوا كوريا الجنوبية في ثمن النهائي، ثم أزاحوا الولايات المتحدة الأمريكية في ربع النهائي. أما نصف النهائي، فشهد مواجهة كلاسيكية أخرى ضد فرنسا، بطلة نسخة 2013، حيث أثبت المنتخب المغربي تفوقه الذهني والفني، ليحجز مقعده في المباراة النهائية.
القمة التاريخية: الإطاحة بالعملاق الأرجنتيني
في المباراة النهائية، واجه المنتخب المغربي حامل الرقم القياسي في عدد ألقاب البطولة (6 مرات)، وهو المنتخب الأرجنتيني.
في مواجهة كانت بمثابة معركة تكتيكية، تفوق "أسود الأطلس" ليحققوا الانتصار ويظفروا باللقب العالمي.
بهذا التتويج، لم يضف المغرب الأرجنتين فقط إلى قائمة الضحايا الكبار الذين أطاح بهم في المونديال، بل أكد على مكانته كقوة صاعدة لا تُقهر.
القائمة شملت بالفعل فرقاً من نخبة كرة القدم العالمية، مما يجعل هذا الإنجاز ليس مجرد بطولة، بل إعلاناً عن ولادة جيل ذهبي جديد للكرة المغربية والعربية.
المغرب يكتب التاريخ: أول منتخب عربي على القمة العالمية
يعد هذا الإنجاز الأول من نوعه للمغرب في تاريخ مشاركاته ببطولة كأس العالم للشباب، بعدما كانت أفضل نتائجه السابقة هي بلوغ الدور نصف النهائي في نسخة عام 2005 التي أقيمت في هولندا.
الأهم من ذلك، بهذا التتويج التاريخي، أصبح المغرب أول منتخب عربي يحرز لقب البطولة العالمية، محققاً ما لم يتحقق للمنتخبات العربية في النسخ السابقة.
هذا الانتصار يتجاوز حدود المغرب ليكون فخراً لكل العرب، ومؤشراً على أن الكرة العربية تمتلك القدرة على المنافسة والوصول إلى القمة العالمية.
كما انضم "أسود الأطلس" إلى نخبة المنتخبات الإفريقية المتوجة باللقب، ليصبح المغرب ثاني منتخب إفريقي يتوج بكأس العالم للشباب، بعد غانا التي فازت باللقب عام 2009.
هذا الإنجاز يعزز مكانة القارة الإفريقية كقوة كروية صاعدة، ويدفع بكرة القدم المغربية إلى مصاف النخبة العالمية، ليؤكد أن جيل 2022 في كأس العالم للكبار لم يكن محض صدفة، بل بداية لمسيرة طويلة من المجد.
عودة الأبطال إلى الرباط، والاستقبال الحافل الذي نظم لهم، لم يكن مجرد احتفال باللقب، بل كان تكريماً لعمل شاق والتزام طويل، ويُعد بمثابة رسالة واضحة بأن الاستثمار في الفئات السنية وتوفير البيئة المناسبة للنجوم الشباب هو الطريق الأكيد لتحقيق المجد الكروي العالمي.
