براءة معلّقة بين الركام والقبور.. طفل غزي يحاور الغياب بدموعه

Trending|26/09/25
براءة معلّقة بين الركام والقبور.. طفل غزي يحاور الغياب بدموعه
طفل غزي يجلس بجانب أحد القبور في خان يونس
  • الغزيون يفتقدون أحباءهم في وقت تواصل تل أبيب قصفها
  • مشاهد قاسية تسيطر على القطاع امام مجاعة قاسية

في زاوية مقفرة من مقبرة خان يونس جنوبي قطاع غزة، جلس طفل صغير إلى جوار قبر جديد، وكأن جسده الضئيل أثقلته أحمال الحزن المبكر. لم يكن يجلس فقط، بل بدا وكأنه يهمس بكلمات غير مسموعة إلى من غاب تحت التراب، يروي له عن أيام فقدت دفئها، وعن بيت تهدم، وعن قلب لم

يعرف معنى الطفولة إلا للحظة عابرة.

اقرأ أيضاً : طفولة تحت الحصار والحصول على الماء حلم يصعب تحقيقه

كانت دموعه تنساب بصمت على وجنتيه، في مشهد يجسد الألم الذي يعجز اللسان عن وصفه. لم يعرف الطفل أن المقابر ليست أماكن للألعاب أو جلسات الأنس، لكنها صارت له الملجأ الأخير، حيث يبحث عن رائحة أحبابه الذين غيّبتهم الحرب. كان بكاؤه يتردد صداه مع صمت القبور من حوله،

ليحمل معه صرخة بريئة لا يسمعها سوى قلب فقد الأحبة.

أسئلة تذيب الحجر

في حديثه الخيالي مع من تحت التراب، كان يطرح أسئلة لا إجابة لها: "لماذا رحلت؟ لماذا تركتني وحدي؟ متى ستعود لنلعب معًا كما كنا؟" أسئلة تُذيب الحجر، وتفضح قسوة عالمٍ لم يرحم طفولته. كان الطفل يتشبث بالحجر البارد وكأنه يحاول استعادة دفء اليد الغائبة، أو عناق لن يتكرر.

المشهد لم يكن مجرد صورة لطفل يبكي قرب قبر، بل هو شهادة حية على حجم المأساة التي يعيشها آلاف الأطفال في غزة.

مشهد يختصر وجع أمة كاملة، حيث تُدفن الضحكات تحت الركام، ويجلس الصغار على شواهد القبور بدل المقاعد المدرسية. هناك، تتحول المقبرة إلى حكاية إنسانية تختلط فيها الدموع بالدعاء، والأمل بالخذلان.

ذلك الطفل الغزي الذي جلس بجوار قبر أحبته لم يكن يطلب سوى حق بسيط: أن يعيش طفولته مثل باقي أطفال العالم، بعيدًا عن أصوات الانفجارات وصفارات الإنذار، لكن واقعه القاسي تركه أسير فراق موجع، وذاكرة مثقلة بالدموع… فصار حديثه مع الموتى أصدق من وعود الكبار، وصار بكاؤه

المرير مرآة لجرح لا يندمل.