علم الشموخ فوق الأنقاض.. حين يتحول الصغير إلى رمز

- فلسطين تهتف باسم الغزيينن المناضلين
- قلوب الغزيين على أرضهم الباكية عليهم
في وسط الركام المتناثر والأنقاض التي تحولت إلى مشهد يومي مأساوي، وقف طفل فلسطيني صغير رافعا العلم الفلسطيني بكلتا يديه الصغيرتين.
اقرأ أيضا : "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".. غــــزة تردد صرخة محمود درويش
لم يكن يحمل سوى براءة الطفولة وإصرار يشبه الكبار، وكأن الأرض من خلفه تستمد منه قوتها. بين حجارة مهدمة وأسقف منهارة، ارتسمت لوحة إنسانية تعلن أن الوطن لا يهزم مهما كانت الجراح عميقة.
رغم أصوات القصف التي لا تهدأ، ورغم رائحة البارود التي تختلط برائحة الغبار، أصر الطفل أن يرفع علمه عاليا.
صمود امتداد لصمود
لم يلتفت إلى الخطر المحدق من كل اتجاه، ولم يرتجف من وقع الانفجارات… كان واثقا أن العلم في يده هو السلاح الأصدق، وأن صموده الصغير هو امتداد لصمود وطنه الكبير.
الجوع الذي ينهش الأجساد، والعطش الذي يرهق الأرواح، والحرارة اللاهبة التي تزيد القسوة قسوة، لم تثن عزيمته. لقد تحدى كل ذلك بابتسامة خجولة، عاكسة نور الأمل وسط عتمة الخراب. كان العلم الفلسطيني بالنسبة له سقفا يحميه من الانكسار، وظلا يحجب عنه وطأة اليأس.
ذلك المشهد لم يكن عابرا، بل صار رمزا محفورا في ذاكرة من شاهده. فالطفل لم يمثل نفسه فقط، بل مثل جيلا بأكمله يحاول أن ينهض من تحت الركام، جيلا يرفض أن يمحى صوته أو أن تطمس هويته. كل رفعة للعلم كانت بمثابة رسالة إلى العالم: "نحن هنا، باقون، وسنظل نعيش على هذه الأرض مهما طال الليل."
إنها قصة وطن تختزل في ملامح طفل، وقصة صمود يختصر في علم مرفوع فوق أنقاض البيوت. لم يكن المشهد مجرد لحظة عابرة، بل شهادة حية على أن فلسطين، بأطفالها ونسائها ورجالها، قادرة أن تصنع الحياة وسط الموت. فالطفل الفلسطيني وقف شامخا، لا يأبه لحر ولا جوع ولا قصف، تماما كما يقف وطنه الأبي،
صامدا، راسخا، عصيا على الانكسار.
