مشهد مبكٍ.. الطعام يُسقط من السماء ويُلتقط من التراب

- غزة تبحث عن بصيص أمل في ظل ظلام الجوع الدامس على وقع قصف متواصل
- كرامة الغزيين فوق كل اعتبار أمام نزفهم وثقل أوجاعهم
في مشهد يلخّص وجع شعب بأكمله، انحنت نساء فلسطينيات بأجسادهن المنهكة فوق رمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يبحثن بين ذرات التراب عن حبوب أرز أو بقوليات قد تكون سقطت من حمولات إنزال جوي أُلقيت على القطاع المحاصر، لم يكن ذلك
مشهداً من زمن المجاعات القديمة، بل لحظة واقعية في زمن يفترض فيه أن البشرية قطعت شوطاً طويلاً نحو العدالة والكرامة.
اقرأ أيضاً : بين الجوع والقنابل… طفل غزّي يعانق الماء فرحا
ومنذ أن فرضت تل أبيب حصاراً شاملاً على قطاع غزة ، بات الحصول على الطعام معركة يومية تخوضها العائلات بشرف وصبر، ومع أن الحصار خُفف جزئياً قبل أشهر بفضل تدخل دولي، إلا أن المساعدات لا تكفي لتغطية الحاجة الهائلة، ما دفع بالأهالي
لتتبع حمولات الإنزال الجوي بدقة، أملاً في العثور على ما يسد رمق يوم أو يومين.
بحث الأمهات في التراب
لم تكن النساء في النصيرات يبحثن عن الطعام فحسب، بل كنّ ينقّبن عن بصيص أمل، عن ما يحفظ أطفالهن من الجوع القادم. بأيديهن العارية، كنّ يزيحن الرمال ببطء، عين على الأرض وعين على السماء، ربما تأتي دفعة جديدة من الغذاء، وربما لا. الأطفال
يراقبون من بعيد، صامتين، بعدما اعتادوا على غياب الوجبات وتحوّل الخبز إلى ترف.
رغم كل شيء.. لا تموت الكرامة
ومع ذلك، ترفض نساء غزة الاستسلام. في كل حبة أرز يلتقطنها، حكاية صمود، في كل دمعة تسقط بصمت، عهد جديد بأنهن لن ينحنين إلا للأرض التي منهن وفيهن. وبين رمال النصيرات، تُكتب قصص لا تُنقل في نشرات الأخبار، لكنها تبقى محفورة في ذاكرة
الأرض، لتشهد أن في زمن الجوع والقهر، ظل في غزة نساء يُقاتلن من أجل الحياة… بحب وصبر وكرامة.