غزة في دمعة مسنّة.. وجع لا تقوى عليه السنين

Trending|22/07/25
غزة في دمعة مسنّة.. وجع لا تقوى عليه السنين
غزيتان تبكيان إثر استشــهاد أفراد من عائلتيهما
  • انعدام مقومات الحياة في القطاع على وقع المجاعة المتفشية
  • الغزيون رسالة خالدة من الصبر والإرادة والتحدي

في أحد أركان الحياة التي أنهكها الحصار، تقف امرأة مسنة ترتجف من فرط التعب، تحمل على كتفيها سنواتٍ طويلة من الألم والخذلان. تتكئ على عصاها التي رافقتها لعشرين عاماً، كأنها صديقة العمر، لا تفارقها في تنقلها بين

ركام الذكريات وشظايا ما تبقى من الأمل. في عينيها دمعة لا تملك إلا أن تهطل، وفي صوتها انكسار لا يشبه إلا صوت الريح حين تمر على بيت بلا نوافذ.

اقرأ أيضاً : نساء القطاع بين ثياب الحداد وقبور الأحبة.. الوداع لا يتوقف

تجلس تلك السيدة الغزية بقربها، شابة منهكة حملت الحرب على ظهرها، ولم تكن تملك سوى صبرها وإيمانها ليقويّا هشاشة يومها. تتقاسمان الصمت بينهما، صمتاً يصرخ في وجه الدنيا: كم من الألم يُحتمل؟ كم من الحرمان يُكتم؟

وحين تهمّ المسنة بالكلام، ينفجر صوتها المرتجف بدعاء يشق السماء، لا ترجو فيه طعاماً بقدر ما ترجوه رحمةً تلمّ هذا الشتات.

حياة أمضت وعصى مساندة

تتأمل العجوز حالها، تحكي لنفسها عن حياة مضت، كانت تملك فيها سقفاً يسترها، ووجوهاً تحبها، أما الآن فليس سوى عصاها، وسيدة غريبة تشاركها المأساة. تتساءل في سرّها: "أهكذا يُكافَأ العمر الطويل؟ أم أن المحن لا تفرّق

بين شيخ وشاب، طالما الجميع صاروا وقوداً لحرب لا ترحم؟".

رغم ضعفها الشديد، لا تزال ترفع يديها للسماء، تردد كلمات مطمئنة وكأنها تواسي بها نفسها قبل غيرها: "الله لا ينسى أحداً... الله أحنّ من كل البشر." هذا الإيمان، وحده، ما يجعلها تتماسك، قوة خفية تشدُّ على قلبها كلما حاول ا

لانهيار، وتزرع فيها أملاً صغيراً، لعل الغد يكون أهون من اليوم.

في لحظة إنسانية لا تُنسى، تميل العجوز على كتف السيدة الغزية، في مشهد لا يحتاج إلى كلمات، فقط دموع تتساقط بصمت، وصبر يتقاسمه اثنان غريبان، جمعتهما الحرب وفرّقتهما الحياة. ومن بين الحطام، تنبت إنسانية خالصة،

تُثبت أن في القلوب ما لا تهزمه المجاعة، ولا تكسره البنادق.

أخبار ذات الصلة