نساء القطاع بين ثياب الحداد وقبور الأحبة.. الوداع لا يتوقف

- القطاع يواصل نزفه وسط مجاعة قاتلة
- تراكم الأحزان سيد الموقف أمام إرادة ات تثنهم عن وطنيتهم
في زقاق ضيق بين أطلال البيوت المدمرة، وقفت نساء القطاع الموجوع ، يرتدين السواد،يودّعن من كانوا بالأمس القريب سنداً وأملاً ورفقة للحزن والقهر.
اقرأ أيضاً : الشمس لا تغيب عن غــزة... لكنها تتلعثم من الألم
كانت الوجوه شاحبة، والقلوب مثقلة بما لا يُحتمل، أصواتهن خافتة، مكسورة، كأنها خرجت من قاع الروح، وهنّ يهمسن بأسماء أحبابهن الذين اختفوا تحت التراب، دون وداع أو قبلة أخيرة.
أمام مقبرة صغيرة حُفرت على عجل في أرض لم تتهيأ لاستقبال هذا الكم من الموت، جلست أم على التراب، تحتضن ثوباً لطفلها، كانت تغسله بالأمس بيديها، واليوم تمسح به دموعها. تتساءل بصوت مبحوح: "كيف رحلوا بهذه
السرعة؟ كانوا هنا، يقتسمون معي الخبز والحزن، يحكون عن حلمٍ مؤجل... والآن لا حلم ولا حكاية".
انتظار مصير مجهول
الوجوه التي كانت تضيء المجالس برغم الألم، غابت. وحدها صورهم على الجدران المتداعية بقيت تردّد صدى الذكريات. نساء القطاع، ممن عشن كل مراحل الخسارة، أصبحن لا يعرفن إن كنّ في وداع أخير أو في استقبال مأساة
جديدة، فالجوع الذي يحاصرهن، لا يترك متسعاً للحزن؛ إنه ينهش الأرواح بصمت قاتل، في انتظار المصير المجهول.
هكذا، في قلب الكارثة، يظل الوداع مفتوحاً على اتساعه، بلا نهاية، بلا عدالة. يودّعن اليوم من كنّ قلوبهن تنبض بهم، ويعلمن أن الغد قد يحمل لهن وداعاً جديداً، لأن الحياة في هذا الركن من العالم، لا تعد بشيء سوى المزيد من
الفقد.