من تحت الركام تصرخ غــزة: "ما زلنا هنا"

- ركام القطاع ألم ممزوج بآهات وحسرات
- الركام مشهد مسيطر على القطاع
في قطاع غــزة، لم يعد الركام مجرد حجارة مكسورة وأسياخ حديد ملتوية، بل تحوّل إلى ذاكرة صامتة تنبض بالحياة التي كانت، فكل حجرٍ مُهدم يروي قصة عائلة، وضحكة طفل، ووجبة عشاء كانت على وشك أن تُقدَّم، البيوت
التي كانت ملاذًا آمنًا أصبحت أطلالًا تتناثر فوقها لعب الأطفال وكتب المدرسة المحترقة.
اقرأ أيضاً : صورة واحدة من القطاع تكفي.. الأمعاء الخاوية حرب أخرى
في أحد أحياء غزة، وقف طفل في العاشرة من عمره يحمل بيديه المجروحتين قطعة من لعبته التي كانت مدفونة تحت أنقاض منزله. سأل بصوت خافت: "هل سيعود بيتنا مثل قبل؟". لم يجبه أحد. الأطفال في غزة لم يعودوا
يعرفون معنى الأمان، صارت ألعابهم مكسّرة وأحلامهم مؤجلة إلى أجل غير مسمى.
نساء ينتشلن الحياة من تحت الموت
وفي خضم هذا الدمار، تظهر نساء غزة كأعمدة صبر وقوة. تحمل الأم طفلها وهي تمرّ من فوق الأنقاض، تحاول أن ترسم له طريقًا نحو الحياة وسط الخراب. تغطي جراحها بابتسامة مرتعشة، وتخبئ وجعها تحت وشاحها الأسود،
تمضي لتلملم بقايا بيتها وتبني من الركام مساحة للحياة.
الركام يغتال الذكريات قبل الأجساد
ليست القذائف وحدها ما يقتل، بل فقدان الذاكرة أيضاً، الركام سرق من الغزيين ألبومات الصور، الهدايا الأولى، كراس المدرسة التي كتبت فيها الطفلة أول كلمة حب.
صارت الذكريات تحت الردم، ومعها جزء من هوية الناس، وكأن العدوان لا يريد فقط أن يقتلهم، بل أن يمحو ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
ورغم الركام.. لا تزال الأرواح تنهض
وبرغم المشهد الرمادي القاتم، لا تزال غزة تنهض كل صباح، تشتعل الحياة من جديد وسط الرماد، وتُكتب القصص من حبر الألم. صوت الأذان يخترق الصمت، وضوء الشمس يلامس الأطلال، وكأن الأرواح التي لم تُدفن بعد
تصرّ أن تبقى حية، أن تقول للعالم: "نحن هنا، لا زلنا نقاوم، لا زلنا نحب، وسنبني من الركام وطنًا".