رحيل بلا وداع.. وبقاء محاصر بالذكريات

Trending|12/07/25
رحيل بلا وداع.. وبقاء محاصر بالذكريات
غزية تجلس وسط الأنقاض في القطاع
  • الأحزان تتثاقل في قلوب الغزيين على وقع تناثر الذكريات
  • القطاع يئن وسط استمرار نزفه وتعاظم أوجاعه

تجلس عند مدخل الخيمة، ساكنةً كأنها جزء من الأرض، لا شيء حولها سوى الريح، تمرّ بين أضلاعها وكأنها تفتّش عن صوت قديم، أو بقايا ضحكة لم تكتمل.

اقرأ أيضاً : وسط الحرب تنبت نغمة.. فتيات الرمال يعزفن للحياة

كانت تملك بيتًا صغيرًا ذات يوم، تعلّق في جدرانه صوت الحب، وارتدت نوافذه ضوء الفرح. كانت صباحاتها تبدأ برائحة القهوة وأحاديث دافئة، وكان لكل زاوية من البيت حكاية، لكل كرسي اسم، ولكل جدار ذاكرة.

الآن، كل شيء بات هشًّا، مؤقتًا، لا طعم له ولا لون، خيمة تلو الأخرى، ووجوه أنهكها البكاء. تسأل نفسها كل ليلة: هل يمكن للذاكرة أن تحضننا حين لا وطن لنا؟ هل الحنين وحده يكفي لنعيش؟

تمسك بصورة قديمة، لا تقول شيئًا، لكن عينيها تنطقان بحوار طويل مع من غابوا، تسير ببطء في المساء، لا تبحث عن وجه، بل عن ظلّ كان يومًا يسير بجانبها.

تتذكّر الضحكات، تفاصيل الأيام التي عبرت دون أن تُحفظ كما تستحق. كان البحر قريبًا، وكان الغروب موعدًا مقدسًا للراحة. أما الآن، فحتى الغروب صار باهتًا، يتسلل خلسة ولا يُبقي خلفه شيئًا سوى الحنين.

صمت ثقيل

لم تعد تبكي، لم تعد تشكو، فقد تعلّمت أن الحزن، حين يطول، يتحوّل إلى صمت ثقيل. وتعلمت أيضًا أن من يفقد كل شيء، لا يطلب شيئًا، فقط يتمنى أن يتوقف الوقت قليلاً عند لحظة لم تكتمل.

كل ليلة، تنظر إلى السماء. تبحث عن شيء يشبهها، نجمة تائهة، أو غيمة تأخرت عن المطر. ثم تسحب غطاءها الممزق، وتنام على أمل أن تعود إليها في الحلم، تلك الحياة التي ذهبت ولم تعد.

أخبار ذات الصلة