في قلب الجوع والركام… فتى يقتسم لقمة نجاته مع قططه

- الرحمة في قلوب الغزيين رسالة للإنسانية
- الركام والفقدان والآلم عناوين بارزة للقطاع
في وسط دير البلح، وبين أكوام الأنقاض التي غطّت ملامح المكان، يقف حمد أحمد منصور محاولًا أن يحافظ على ما تبقّى من ملامح الرحمة في حياته، فبينما يقتات الناس على الحد الأدنى من الطعام ويكافحون للبقاء، لم يتخلَّ حمد عن هوايته التي أحبّها منذ سنوات: رعاية الحيوانات الأليفة، هذه الهواية تحوّلت اليوم إلى رسالة إنسانية، تمارس في ظروف أشبه بالمستحيلة.
اقرأ أيضاً : يصنعون المعجزات ..أطراف مبتورة وقلوب كاملة في مشهد مُلهم في ملعب غزة - صور
فعلى وقع الجوع الذي ينهش سكان غزة، وبعد عامين من حرب حطّمت كل مقومات الحياة، لا يزال حمد يؤمن بأن لهذه الكائنات الصغيرة حقًا عليه، قططه التي اعتادت أن تجد الطعام بسهولة قبل الحرب، باتت هي الأخرى ضحية للحرمان، تتقاسم معه ما يتوافر من فتات، وكأنها جزء من العائلة التي
يجب ألا تُترك لمصيرها.
مشهد يعكس حجم الإنسانية
صورة حمد تظهر وهو يُطعم قططه مشهدًا مؤثرًا يعكس حجم المأساة والإنسانية في آن واحد. فبينما تعاني غزة من شلل كامل في الخدمات العامة، وأكثر من 61 مليون طن من الركام تملأ شوارعها، يبقى هذا الرجل شاهدًا على أن الخير يمكن أن يستمر حتى في أقسى الظروف، كما إن فعله البسيط
يُعدّ مقاومة من نوع آخر—مقاومة للانهيار الداخلي ولليأس.
النقص الحاد في الغذاء والدواء والوقود جعل الحياة اليومية معركة بحد ذاتها، ومع ذلك، يحرص حمد على تخصيص جزء من جهده ومن نصيبه القليل لهذه القطط التي تهرول حوله بحثًا عن الأمان قبل الطعام. ورغم أن الناس أنفسهم يعيشون على الحدّ الأدنى من مقومات البقاء، إلا أن مشهد رجل
يشارك لقمته مع الحيوان يلخص ما يميز الإنسان في أشد اللحظات ظلامًا: التعاطف.
وبينما تتبادل المنظمات الدولية وتل الاتهامات حول أسباب نقص المساعدات وتأخّرها، يواصل أهالي غزة البحث عن سبل للبقاء، كلٌ بطريقته الخاصة. يبقى حمد، بفعله الصغير في حجمه الكبير في أثره، صوتًا صامتًا يقول إن الحرب قد تسلب البيوت وتخنق المدن، لكنها لا تستطيع أن تنتزع الرحمة
من قلوب أصحابها. في مشهده البسيط، يظهر أن الإنسانية ما زالت تتنفس رغم كل شيء.
