وجع الرجال في غـــزة.. صمتٌ أثقل من الكلام

- الغزيون رسالة صمود وإصرار بوجه الكيان الغاشم
- القهر والحرمان والجوع عناوين بارزة في القطاع المحاصر
في غزة، حيث يمتد الحصار كجدار صامت يطوّق الأنفاس، يقف الرجال في الواجهة دائمًا، محمّلين بأثقال لا تُرى،وجوههم قد لا تبكي، لكن ملامحهم تحكي عن وجعٍ أكبر من الكلام، رجال اعتادوا أن يكونوا سندًا، فوجدوا أنفسهم اليوم عاجزين عن حماية أسرهم من جوع، أو قصف، أو بردٍ يلسع أجساد الأطفال.
اقرأ أيضاً : صرخة ألم… غزي على أطلال عائلته الراحلة
الألم هنا ليس جرحًا في الجسد، بل انكسار في الروح حين يعجز الرجل عن القيام بأبسط واجباته تجاه أحبته.
القهر الذي يعيشونه لا يُقاس. هو قهر رجل يسمع صراخ ابنته تطلب قطعة خبز، ولا يملك أن يلبيها، قهر أبٍ يرى بيته ينهار أمام عينيه في ثانية، ليبقى بعدها مشردًا بلا مأوى، يحمل أطفاله بين ذراعيه في العراء، قهر شابٍ حلم بحياةٍ بسيطة، دراسة أو عمل يليق بكرامته، ليجد الحصار يسلب منه كل أبواب المستقبل، تاركًا قلبه
مثقوبًا بالحزن.
هذا الحزن يصعب الحديث عنه، لأنه يتجاوز الكلمات، كيف تصف وجع رجل يتظاهر بالقوة أمام أسرته، ثم ينهار وحيدًا في الليل؟ كيف تشرح ألم رجلٍ يرى أطفاله يكبرون في حرمانٍ لا ذنب لهم فيه؟ وكيف تُروى حكاية رجال يدفنون أحباءهم بأيديهم، ويعودون ليجلسوا صامتين، يبتلعون مرارتهم كي لا يراها الآخرون؟
بقايا نور
الرجال في غزة ليسوا مجرد صور على نشرات الأخبار، هم قصص من دم ولحم ودموع محبوسة. يختبئون خلف صلابة رغم بحر من الانكسارات، بحر يغرق فيه الصمت أكثر من الكلام، وتتعالى فيه صرخات لا تجد من يسمعها.
ورغم كل ذلك، يبقى في قلوبهم بقايا نور، نورٌ يحمله الرجل الغزّي وهو يجرّ خطواته كل صباح ليؤمن قوت عائلته مهما كان الطريق مسدودًا، نورُ إيمانٍ بأن ما يعيشه ليس إلا اختبارًا قاسيًا، وأن الكرامة تصمد حتى حين تنكسر الأرواح. في القطاع المحاصر، وجع الرجال حكاية طويلة، تُروى بدمعٍ لا يُرى، وبقهرٍ يصعب وصفه،
لكنه يظل شاهدًا على صمودٍ من نوع آخر.