أمام الخيام.. طفولة قاسية تكتب فصول الصمود

- القطاع رسالة صبر وإرادة وسط وجع وجوع قاهرين
- الغزيون يتسابقون لسرد حكاياتهم بصور ومشاهد مؤثرة
تحت شمسٍ لاهبة وحرارةٍ تكاد تلتهم الأنفاس، يقف أطفال غزة أمام خيم النازحين، وقد قرّروا أن يصنعوا لحياتهم لحظة فرح صغيرة وسط هذا الركام الكبير. لا يملكون سوى دلو ماء صغير، لكنهم جعلوا منه نافورة من البهجة،
يرشّون بعضهم البعض، فتتعالى الضحكات كأنها إعلان انتصار على كل ما يحاول سرقة طفولتهم.
اقرأ أيضاً : حين تتكلم الدموع.. طفلة تحارب الجوع بجسدها الموجوع
وجوههم الندية بالماء تحمل ملامح التحدي أكثر مما تحمل ملامح التعب. ملابسهم البسيطة المبتلة تلتصق بأجسادهم النحيلة، لكن أعينهم تلمع بأمل غريب في مكان لا يمنح الأمل بسهولة. كل رشّة ماء كانت كأنها رشّة حياة، تغسل
عنهم غبار الحرب والخوف، وتعيدهم للحظات إلى زمن اللعب البريء.
حكاية وجع طويلة
من حولهم، تمتد الخيام كصفحات من حكاية وجع طويلة، تحكي عن فقدان المنازل والذكريات، وعن ليالٍ باردة وأيامٍ حارقة. لكن وسط هذه الحكاية، يقف هؤلاء الصغار كفصل مختلف، فصل عنوانه الصبر والإرادة،
يكتبونه بضحكاتهم التي تتحدى ضجيج الطائرات وأصوات القصف البعيد.
الأمهات يراقبن من بعيد، وفي عيونهن خليط من القلق والفخر. قلقٌ على مستقبل هؤلاء الصغار الذي يظل معلقاً على حبال المجهول، وفخرٌ بقدرتهم على اقتناص لحظة فرح في قلب المعاناة. ربما هنّ يعرفن أن هذه الضحكات
القصيرة ستظل محفورة في ذاكرتهم كدليل على أن الفرح يمكن أن يولد حتى في أقسى الظروف.
إنها ضحكة ليست عادية، بل ضحكة محمّلة برسائل للعالم: نحن هنا، نحن ما زلنا قادرين على أن نحب الحياة رغم كل شيء. أمام حرارة الشمس وحرارة الحرب، يكتب أطفال غزة دروساً مجانية في الصبر والإصرار، ويعلّموننا
أن إرادة الحياة أقوى من أي جدار أو حصار.