طوابير الجوع.. مشهد يقاوم الصمت ويدمي القلوب

Trending|19/08/25
طوابير الجوع.. مشهد يقاوم الصمت ويدمي القلوب
غزيون يصطفون في طابور للحصول على مساعدات غذائية
  • طوابير الجوع تسيطر على المشهد في القطاع
  • وجوه ذابلة وعيون باكية وأمعاء خاوية في القطاع المحاصر

في القطاع المحاصر، يقف المتمسكون في أرضهم في طابور طويل كأنه امتداد للألم نفسه. وجوه شاحبة، ملامحها منهكة من الجوع، وأعين غائرة تبحث عن بصيص أمل في لقمة قد لا تكفي لسد رمق الجوع، لكنها على الأقل تذكّرهم بأنهم ما زالوا أحياء، إنهم لا

ينتظرون الخبز وحده، بل ينتظرون لحظة رحمة توقف نزيف المعاناة المستمر.

اقرأ أيضاً : بين البيوت المهدّمة.. تبحث عن حياة ضاعت

في هذا الطابور، ترى الكبار وهم يحاولون إخفاء دموعهم حتى لا ينكسر أبناؤهم أكثر، وترى الأطفال يمدّون أعناقهم علّهم يكونون الأقرب إلى نافذة الخبّاز. لكن الحقيقة أقسى من أن تُخفى، فالجوع لم يعد شعوراً عابراً، بل صار وجعاً يسكن الجسد ويثقل الروح. كل

دقيقة في الانتظار تشبه دهراً من القهر.

حصار وخذلان

الحزن هنا ليس حالة عابرة، بل هو ملامح محفورة على الوجوه، خطوطها العميقة تحكي عن سنوات من الحصار والخذلان.

هؤلاء لا يطلبون الكثير؛ فقط كسرة خبز، حياة كريمة، وهدنة مع الألم الذي لا يعرف الانتهاء، لكنهم يُتركون عالقين بين جوع البطن وجوع الكرامة.

طابور من القهر

إنه طابورٌ يجمع في صفوفه كل أشكال القهر: الأمهات اللواتي يخفين دموعهن خلف ابتساماتٍ هزيلة لأطفالهن، الشيوخ الذين لم يعد لهم من العمر بقية سوى انتظارٍ لا ينتهي، والشباب الذين يذبلون قبل أوانهم، بعدما حُرموا من أبسط حقوقهم. كل فرد في الطابور

يحمل قصة خذلان، وجُرحاً لا يندمل.

ورغم كل هذا الألم، يبقى في قلوبهم بريق صغير من الأمل، فكلما نالوا كسرة الخبز، ولو ضئيلة، شعروا بأنهم تحدّوا الحصار للحظة، وبأن الحياة لم تُسلب منهم بالكامل. إنهم يقفون في طابور الجوع، نعم، لكنهم أيضاً يقفون في طابور الصبر والصمود، متمسّكين بما

تبقى من إنسانيتهم، رافضين أن يستسلموا للظلام.