وجع الخبز.. رواية شعب يحارب الجوع بكرامة

- أنين الجوعى في القطاع يسمع من أصحاب الضمائر
- مشاهد القطاع المؤلمة أحزان متراكمة يصعب حصر معالمها
في شوارع غزة المتهالكة، لا شيء يعلو فوق أنين الجوع، أطفال ببطون خاوية، ونساء يبحثن عن فتات يسد رمق عائلاتهن، ورجال تقف كرامتهم على حافة الانكسار. الجوع هنا ليس عابرًا، بل مقيمًا في كل بيت، يطرق الأبواب دون استئذان، ويجثم على الصدور
كغيمة سوداء لا تمطر سوى الألم.. منازل بلا كهرباء، موائد خالية، وثلاجات فارغة إلا من الصمت.
اقرأ أيضاً : "قانون البقاء" في غــزة: نتقاسم القليل ونصنع منه فرحاً
وسط هذا المشهد القاسي، تلمع عيون الغزيين بدموع صامتة. هي ليست دموع ضعف، بل رسائل موجعة تنطق باسم المظلومين، وتحمل في طياتها عتبًا ثقيلًا على عالم يمر من أمام معاناتهم مرور الكرام. تلك النظرات تخترق الشاشات والجدران، تبحث عن ضمير
لم يَصْدَأ بعد، عن قلب لم يتعود مشهد الجوع، عن إنسانية لم تزل تحمل بعض الحياة.
الخبز أصبح حلما
الخبز أصبح حلمًا، والحليب أمنية، والحياة نفسها صارت عبئًا ثقيلًا على من تبقى من الأحياء. ورغم كل ذلك، لا يزال الغزيون متمسكين بكرامتهم، يقاومون الجوع بالصبر، والخذلان بالعزة.
في وجوههم الحزينة، تختبئ قصص لا تحكى، وصرخات لا تُسمع. فهذه أم تفقد طفلها لأنه لم يجد ما يسد جوعه، وهذا أب يحبس دمعته كي لا ينهار أمام أطفاله، وتلك جدة تسأل الله في سجودها أن يطعم أبناءها لقمة تسكت أنينهم. غزة اليوم ليست فقط تحت
الحصار، بل تحت ثقل خذلان العالم لها، وتحت وطأة صمتٍ أشد فتكًا من القصف.
ورغم كل هذا الظلام، لا تزال غزة تنبض بالحياة. ففي كل جائع حلم، وفي كل عين دامعة دعاء، وفي كل يد فارغة استعداد للعطاء إن جاء الفرج. إنها ملحمة إنسانية تُكتب بالجوع، ويشهد عليها الصبر، وتنتظر من العالم أن يقرأها بقلب لا بعين، وأن يتجاوب معها
بفعل لا بكلمات عابرة.