خطوات صغيرة فوق الجمر.. طفلة تواجه الجوع والحرمان وحدها

Trending|22/09/25
خطوات صغيرة فوق الجمر.. طفلة تواجه الجوع والحرمان وحدها
طفلة تسير فوق القمامة والركام في أحد شوارع القطاع
  • حرمان وجوع وقهر ألام متعاظمة في القطاع
  • صور ومشاهد مبكية في القطاع تفطر القلوب

في أحد الأزقة الضيقة المكدّسة بالركام والقمامة، تسير طفلة صغيرة بخطوات متعثّرة، تحمل على كتفها الصغير كيسًا بلاستيكيًا يكاد يساوي حجمها.

اقرأ أيضاً : المجاعة والحرارة والقصف.. ثلاثية الألم في مشهد واحد

لا أحد يعرف ما الذي تخبئه داخله، ربما بقايا ألعاب محطمة، أو صورة عائلية نجا لونها من النار والدخان، أو حتى قطعة قماش تتشبث بها كذكرى من منزل لم يعد له وجود. عيناها الغائرتان تكشفان عن قصة أكبر من عمرها، قصة طفولة ضاعت بين جدارٍ مهدّم وسماءٍ مثقلة بالقصف.

لوحة باهتة

يمتزج وجهها النحيل بالغبار ورائحة الدخان التي تملأ المكان، فيبدو كلوحة باهتة رسمتها الحرب بأقلامها السوداء. في يدها الأخرى تتشبث بقطعة خبز يابسة عثرت عليها وسط النفايات، كأنها كنز لا يقدّر بثمن. صمتها الصغير يصرخ أكثر من أي كلمات، وصورتها وهي تبحث بين الأنقاض تفضح كل

محاولات العالم لتجاهل وجعها.

الجوع ينهش بطنها الخاوي منذ أيام، فتلتف يدها على معدتها بين الحين والآخر في محاولة لإسكاته، لكنها تعلم أن لا شيء سوى الصبر قادر على إخراس هذا الوحش الذي يلتهمها من الداخل. جسدها الغض لم يعد يعرف طعم الطعام سوى بقايا ما يجد بين الركام، ومع ذلك تمشي شامخة، كأنها تقاوم

بحضورها الصغير كل أشكال الموت التي تلاحقها.

كل خطوة صرخة صامتة

تمرّ بجانب مبانٍ كانت يومًا ما بيوتًا تضج بالحياة، فتتوقف لحظة أمام بابٍ مخلوع، تنظر إليه وكأنها ترى نفسها تركض بين الغرف، تضحك، وتلعب. ثم تعود لواقعها وتكمل السير، تحمل كيسها بإصرار، وكأنها تحمل داخله ما تبقى من طفولتها. كل خطوة تخطوها فوق الحجارة والجمر، هي صرخة

صامتة بأن الحياة تستمر حتى فوق الأطلال.

الطفلة ليست مجرد عابرة بين الأنقاض، بل هي شهادة حية على وجع أمة، على ألم محاصر خلف الأسلاك والجدران. ملامحها تروي للعالم قصة جرحٍ لا يلتئم، وجوعٍ لا يُشبَع، وطفولة تُسلب في وضح النهار. إنها قصيدة حزينة تمشي على قدمين صغيرتين، تحمل حقيبة الذكريات وسط الركام، وتنتظر

معجزة ترد لها ما سلبته الحرب من بيت وأمان ولقمة.