العزلة الاجتماعية بين الفوائد والمخاطر

العزلة الاجتماعية بين الفوائد والمخاطر
تعبيرية

الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يحيا بالتواصل مع الآخرين، لكن هذا لا يمنع أن يأخذ لنفسه بين فترة وأخرى شيئاً من العزلة يراجع فيها ذاته ويقيم إنجازاته ويعود للانطلاق من جديد، ذلك أن التواصل الدائم مع الناس له من الآثار المشوشة الكثير.

فوائدالعزلة الاجتماعية:

تكون العزلة الاجتماعية مفيدة وذات آثار إيجابية على نفسية الشخص لعدد من الأسباب البسيطة وغير الخافية كثيراً:

  1. العزلة الاجتماعية تزيد وتوسع الفكر الإبداعي:تميل العزلة إلى السماح للأفكار الإبداعية بالازدهار، وتجعل الناس أكثر قدرة على تصور أفضل أفكارهم بمفردهم، رغم أن هذا يتعارض مع الاعتقاد الشائع بقوة الأعداد أو العصف الذهني عند الوجود ضمن مجموعة. يقول المفكر نيكولا تيسلا: "نحن كبشر حساسون لانتقادات الآخرين، وهذا هو السبب في أننا أكثر قدرة على التعبير عن أنفسنا والتفكير بحرية بمفردنا". بالإضافة إلى ذلك فإن عدم وجود مقاطعات يعطينا الفرصة للتفكير بشكل مختلف.
  2. تحسن إنتاجيتك وتبعد عوامل التشتيت:يمكن أن يكون الناس مشتتين لك رغم نواياهم الحسنة، لكن من خلال إزالتك أكبر قدر من التشتيت في الأيام التي تحتاج فيها إلى التركيز فأنت أكثر قدرة على إنجاز ما يجب عليك القيام به، وبالتالي فإن اختيار عزل نفسك من وقتٍ لآخر يمكن أن يحسن إنتاجيتك بشكل كبير.
  3. تعزز التركيز والتأمل والوعي الذاتي:يساعد قضاؤك الوقت بمفردك على التركيز بعالمك الداخلي وأن تكون أكثر وعيًا بأفكارك ومشاعرك. هذا يعزز الوعي الذاتي واكتشاف الذات، ما يتيح لك معرفة نفسك والعثور على هدفك في الحياة. فعندما لا تكون محاطاً بأشخاص آخرين طوال الوقت تقلّ التأثيرات عليك من العالم الخارجي. وللعثور على مسارك الحقيقي في الحياة؛ تعلّم الاستماع إلى نفسك الداخلية حتى تفهم ما يشبهك ويناسبك.
  4. تساعدك على فهم الآخرين بشكل أفضل:العزلة عن الآخرين يمكن أن تساعد على جعل علاقاتنا مع الآخرين أقوى بعدة طرق، كذلك فإن قضاء الوقت بمفردك يعمل على تحسين تقديرك للوقت الذي تقضيه مع الآخرين. ما قد يدفعك لقضاء الكثير من الوقت مع الأشخاص المحيطين بك باعتباره أمراً مسلماً به .

    الآثار السلبية للعزلة الاجتماعية:

    رغم إيجابياتها إلا أن هناك شعرة فاصلة بين العزلة الاجتماعية والوحدة المؤذية، وهنا تكمن بعض الآثار السلبية لهذه العزلة:

    1. قد تؤدي إلى الشعور بالوحدة:يجب التمييز بين قضاء الوقت بمفردك بسعادة والشعور بالوحدة لأن الحالة الأخيرة مدمرة تماماً، فالوحدة هي شعور بعدم القدرة على التواصل مع الآخرين وعدم الشعور بالانتماء، والوحدة قد تجعلك تشعر كما لو أنك غير محبوب.
    2. قد تكون سبباً للأمراض العقلية والبدنية:تظهر الدراسات أن العزلة الاجتماعية يمكن أن تسبب الاكتئاب؛ وقد لوحظ أن الدماغ الوحيد يختلف حيوياً وهيكلياً كلما طال الشعور بالعزلة والوحدة؛ ما يخلف آثاراً دائمة عليه ويجعل من الصعب بشكل عام الحصول على القوة والطاقة لتكون سعيداً. إضافة لذلك فهناك دراسات تشير إلى أن الشعور بالوحدة المزمنة يمكن أن يكون عاملاً مساعداً في الأمراض الجسدية كأمراض القلب. وعلاوة على ما سبق فقد ارتبطت العزلة الاجتماعية في سن الشيخوخة بارتفاع مخاطر الإصابة بالخرف.
    3. يجعلك أكثر عرضة للتأجيل ولوم الذات:العزلة الاجتماعية المستمرة تجعلك أكثر عرضة للتقاعس والأفكار السلبية خاصة إذا كنت تعاني من القلق أو الاكتئاب. وهذا الصوت الصغير في رأسك قد لا يخبرك دائماً بأشياء إيجابية وقد تبالغ بانتقاد ولوم نفسك، كما أن النقد الذاتي المبالغ به من قبلك يمكن أن يعطي الآخرين فرصة أكبر ليؤثر لومهم عليك بشكل أكبر، في وقت أنت بغنى عن كل هذه الانتقادات .
    4. العزلة قد تكون مسبباً للهلوسة:الضغط الذي يمكن أن تولده العزلة الاجتماعية قد يجعل مستويات الكورتيزول (هرمون الإجهاد) عالية جداً ما يؤثر على قدرة دماغك على تفسير المنبهات نفسياً، وهذا يؤدي بك إلى الهلوسة.

      أشياءيمكنك فعلها أثناء عزلتك:

      حتى تستطيع تعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات التي قد تسببها العزلة الاجتماعية إليك بعض ما يمكن فعله أثنائها:

        1. اترك جوالك خلال العزلة الاجتماعية:قبل كل شيء إن كنت تريد عزلة اجتماعية إيجابية ابتعد عن هاتفك الجوال لأنه يرفع مستوى قلقك الأساسي الخاص بك، وتركه لفترة من الزمن يساهم في الحفاظ على صحتك العقلية لأن العواطف التي يعبر عنها الآخرون وتصلك بطريقة أو بأخرى عن طريق الجوال يمكن أن تنتقل إليك بشكل سلبي وهي ظاهرة تسمى "العدوى العاطفية".
        2. إنشاء جدول زمني للأشياء الممتعة:في ظل بعض الظروف الاجتماعية الضاغطة المحيطة بك قد تبدأ قشرة الدماغ الأمامية الجبهية في وضع سيناريوهات مستقبلية مختلفة ومخيفة بنفس القدر؛ لذا يجدر بك هنا معرفة الخطوة التالية في يومك التي يمكن أن تغني لحظتك الحالية، لذا من الضروري وضع روتينٍ مفيدً يتضمن ممارسة الرياضة والتأمل وممارسة هواية تحبها، وحتى الطهو وأداء بعض الواجبات المترتبة عليك.
        3. مارس شيئاً من ألعاب العقل:اعمل على حلّ أحجية أو كلمات متقاطعة أو سودوكو فهذه الألعاب المعرفية تصنع ذاكرة مصقولة وتنمي الانتباه ومهارات التفكير كما أنها تنطوي على التفكير المنطقي الذي يمنع عقلك من التأمل أو القلق بشأن أي شيء آخر لا يستحق التفكير، وهذه الأنشطة يمكن أن تساعد في تقليل أعراض الاكتئاب لأنها تولّد لديك شعوراً بالإنجاز يعزز احترامك لذاتك .

أخبار ذات الصلة