التحديات التي تواجه صانعي الأفلام العربية

التحديات التي تواجه صانعي الأفلام العربية
صانعي الأفلام العربية
  • التحديات التي تواجه صانعي الأفلام العربية
  • أبرز التحديات التي تواجه صانعي الأفلام العربية

تعيش صناعة السينما العربية حاليًا أوقات عصيبة، حيث يتلاشى عصرها الذهبي مع تشديد الميزانيات ولا مبالاة السلطات الحاكمة وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى هيمنة هوليوود التي تعمل على تقليص الإنتاج وتوزيع الأفلام، وعلى الرغم من تلك الأزمات إلا أن الأفلام الروائية العربية لا تزال تنال اهتمام عالمي واسع، ومن جهة أخرى قد يساهم احتضان السعودية للسينما ونشاطها الكبير في هذا المجال في تنشيط هذا القطاع.

حتى الوقت الحالي، تحتل مصر مركزًا قويًا في صناعة الأفلام العربية، حيث أنتجت في أوجها خلال فترة السبعينيات ما بين 80 إلى 90 فيلمًا سنويًا، حاليًا يبلغ إنتاجها السنوي أقل من 40 فيلم، بينما يبلغ إنتاج كل من لبنان والمغرب قرابة 10-15 فيلم وتونس حوالي 10 فيلم.

يميل صانعو الأفلام إلى التمسك بالأنواع الشعبية مثل الكوميديا والحركة، يقول "هاني أسامة" الشريك الإداري لشركة الإنتاج The Producers: لدينا نقص في الأفلام الرومانسية والمسرحيات الموسيقية والأفلام العائلية، لكنني متأكد من أنه إذا كان لدينا مشاريع مناسبة لهذه الأنواع، فإنها ستحقق نتائج رائعة.

السينما العربية تفتقر إلى التمويل

وخلال السنوات القليلة الماضية تم غلق الكثير من صناديق الأفلام والمهرجانات خاصة في الخليج، مما جعل الأفلام الناطقة باللغة العربية تعتمد بشكل متزايد على التمويل العام الأوروبي للحصول على الدعم.

اقرأ أيضاً ديمة قندلفت حديث المتابعين بعد البوستر الدعائي للعربجي

قال "أحمد عامر" المخرج المصري للدراما الكوميدية المشهورة "Kiss Me Not" لعام 2017: "الأموال التي نحصل عليها من الصناديق هي خطوة صحيحة لكنها لا تكفي لصنع فيلم"، "لذلك عليك الاعتماد على الكثير من الأموال الخاصة والتي ليس من السهل العثور عليها ما لم يكن فيلمًا تجاريًا للغاية ولديك دعم من شركة كبيرة، لهذا عليك الاعتماد أيضًا على الأموال الأوروبية ليبقى لديك إنتاج مشترك ".

وقال المنتج الفرنسي التونسي "نديم شيخروحه ": عندما لا يكون لديك خيار فأنت توافق على مثل هذه الشروط لكنك تشعر وكأنك تعرضت للاختراق قليلا"، وأضاف "قبل بضع سنوات كانت الأفلام التونسية تُصنع فقط بالمال التونسي لكنها لم تعد كافية، هناك جيل جديد من المخرجين في العالم العربي أكثر طموحًا ويريدون صناعة أفلام تسافر إلى أبعد من ذلك، بالنسبة إلى هذا النوع من الأفلام يحتاجون جميعًا إلى إنتاج أوروبي مشترك يتجاوز 200000-300000 يورو ".

توجد مشكلة أخرى تقف أمام صناعة السينما وهي أن عائد الاستثمار في هذه الصناعة لا يمكن توقعها على عكس الصناعات الأخرى التي يميل إليها المستثمرون حيث يفضلوا الاستثمار في أسهم التطبيقات ومنصات عرض الأفلام الأكثر انتشارا ، لهذا لا يمكن أن اعطاء المستثمرين رؤية محتملة قريبة من تقديرات الأرباح المتوقعة.

الافتقار إلى نظام توزيع مناسب

قال "علاء كركوتي" الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة MAD Solutions بالقاهرة: أن قطاع السينما هو قطاع لا يمكن توقع أرباحه لهذا فإن الاستثمار في هذه الصناعة يجب أن ينبع من الشغف بالأفلام وأن يكون لديه ادراك بأن الاستثمار فيه ليس مثل أي صناعة أخرى، ومن جهة أخري، فإن صناعة السينما العربية تفتقر لنظام توزيع مناسب.

قال "هاني أسامة" الذي تصنع شركته الأفلام والبرامج التلفزيونية والإعلانات التجارية: عندما يتم عرض أي أفلام مصرية في الدول العربية فإننا كمنتجين نبيع الفيلم للموزعين (المحليين)، بالنسبة لنا يدر هذا مبلغًا صغيرًا جدًا من المال، وبالتالي فإن عملية التوزيع المناسبة من شأنها أن تساعد صناعة الإنتاج"، وغالبًا ما اعتادت أيضًا القنوات التلفزيونية مثل ART و Rotana على شراء حقوق عرض الفيلم بعد عرضه في السينما، ولكن منذ عدة سنوات قامت تلك القنوات بتقليص مشترياتها من الأفلام مما حد من إنتاج الأفلام.

القرصنة مشكلة تواجه الأفلام العربية

تظل القرصنة أيضًا مشكلة كبيرة للأفلام العربية ليس فقط المبيعات المزيفة، ولكن البث المباشر والتنزيلات غير القانونية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى البث غير المصرح به على قنوات فضائية غير قانونية، مما يقلل من قيمة المبيعات لمحطات التلفزيون الشرعية، لكن قطاع السينما العربية قد ينجو في مواجهة هذه التحديات على الرغم من اللامبالاة الحكومية الواسعة النطاق تجاه الصناعة.

يقول "هاني أسامة": ليس لدينا استوديوهات تمول الأفلام، فالمنتج أيضا يمول الفيلم، وهذا ما يؤثر على السوق بشكل كبير، كانت مصر تمتلك استوديوهات أفلام خاصة بها، ولكن بدأت في التراجع في التسعينيات، حيث كان الجمهور السعودي في حاجة ماسة إلى أي محتوى خيالي على VHS والذي حقق أرباحًا من خلال تضمين الإعلانات.

اقرأ أيضاً الصور الأولى من المسلسل محبوب الجماهير الكبير أوي بجزئه السابع

قال "علاء كركوتي": كانت السينما المصرية تنمو منذ الأربعينيات لكن الطلب على أفلام VHS أقنع المنتجين المصريين بالتوقف عن الاعتماد على شباك التذاكر لذا تراجعت السينما"، ثم تضاءل الطلب من الخليج لأن الجودة كانت سيئة للغاية وفقد الكثير من الجمهور المصري.

دول الخليج ستساهم في عودة السينما العربية

إذا كان الخليج قد ساهم عن غير قصد في تضاؤل صناعة السينما العربية، فقد يؤدي ذلك إلى عودة ظهورها، خاصة بعدما أنهت المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حظرًا دام 35 عامًا على دور السينما كجزء من خطط واسعة النطاق خلق سوق ترفيهي جديد.

ستحتاج السعودية ما لا يقل عن خمس إلى عشر سنوات لرؤية النتائج، كما بدأت الإمارات وقطر بمشاريع كبيرة وصناديق كبيرة تم تقليصهما، في صناعة السينما العربية من الجيد دائمًا أن تنتظر وترى لأن الإعلانات هي الجزء السهل.

كان أول فيلم روائي طويل لهيفاء المنصور "وجدة" وهو الفيلم الأول الذي أخرجه مخرج سعودي والأول الذي تم تصويره بالكامل في المملكة، وتم عرضه لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي 2012 وعُرض في مهرجانات أخرى في جميع أنحاء العالم وفاز بمجموعة من الجوائز، تم عرض الفيلم في دور مسرحي في العديد من الدول حول العالم وحقق إيرادات تقدر بنحو 7 ملايين دولار في شباك التذاكر وهو ما كان رائعًا بالنسبة لفيلم عربي.

وقال "علاء كركوتي" كان في الفيلم جميع المكونات التي تجعل الجماهير فضوليين للغاية، وأضاف إن تكرار هذا المستوى من الاهتمام سيكون أصعب بكثير.

ومن بين الأفلام الروائية العربية الأخرى التي نالت استحسانا كبيرا فيلم "Wajib" للمخرجة الفلسطينية "آن ماري جاسر"، وفيلم "الرحلة" للكاتب والمخرج العراقي "محمد الدراجي"، ومع عدم وجود نقص في الموضوع أو البراعة يبدو أبطال الصناعة متفائلين بشأن المستقبل.

وقال "نديم شيخروحه": في الدول العربية أصبح المخرجون متحمسون للغاية لإنجاز الأمور، قبل عشرين عامًا كانت الأفلام فولكلورية، ولكن الموضوعات الآن حديثة، لقد تعلم المخرجون وكتاب السيناريو سرد القصص بطريقة أكثر عالمية.

يمكن أن تكون قصة محلية للغاية ولكن لها صدى أوسع، وحث صانعي الأفلام العربية على عدم التفكير في أنهم في منافسة مع بعضهم البعض، مستشهدا بنموذج السينما الكورية والإيرانية التي يبحث عنها الآن الجمهور الدولي بسبب تنوع أفلامهم وجودتها.

بالنسبة إلى "علاء كركوتي": فإن افتقار الصناعة إلى هيكل مناسب سيظل مزعجًا لكنه أشاد بتفاني أولئك الذين يصنعون أفلامًا باللغة العربية، وأضاف: أنا متفائل بمستقبل السينما العربية، فهناك الوعديد من العرب الذين يحبون السينما ويعملون بشغف ويصنعون مشاريع من لا شيء.

أخبار ذات الصلة