غــزة.. الذاكرة التي لا تنام على جوعٍ ولا تصمت تحت القصف

Trending|07/08/25
غــزة.. الذاكرة التي لا تنام على جوعٍ ولا تصمت تحت القصف
فلسطيني يجلس على أنقاض منزله المدمر في القطاع
  • ذاكرة الماضي للغزيين مستنزفة على وقع استمرار العدوان الغاشم
  • الجوع امتحان للنجاة في وقت يعاني منه القطاع من انعدام مقومات الحياة

في غزة، الحزن لا يحتاج إلى كلمات، هو ساكن في العيون، مزروع في الجدران المتصدعة، ومغروس في تراب الأرض التي اعتادت وداع الأحبة. هنا، لا يمر يوم بلا فَقْد، ولا ليلة بلا صوت قصف يهزّ الروح قبل الجدران.

في كل زاوية، قصة شهيد، أو أم تبحث عن أطفالها بين الركام، أو عين تنتظر خبزًا لم يأتِ.

اقرأ أيضاً : مشهد مبكٍ.. الطعام يُسقط من السماء ويُلتقط من التراب

الجوع ليس فقط فراغًا في المعدة، بل امتحان يومي للنجاة. كيف للطفل أن يفهم معنى أن ينام بلا طعام؟ كيف تشرح له أن الخبز أصبح حلمًا مؤجلًا؟ رائحة الطهو في بيوت الجيران، إن وجدت، تتحول إلى وخزٍ في قلب أمٍ عاجزة. كل وجبة

تُؤكل هنا كأنها وداعٌ محتمل، وكل لقمة قد تكون الأخيرة.

ذاكرة مستنزفة

الذاكرة في غزة مستنزفة... متخمة بالألم، الشوارع لم تعد تحفظ أسماء أصحابها، بل تحفظ مواقع القصف، وأصوات الانفجارات، ومواعيد الموت.

البحر شاهدا على الوجع

حتى البحر – رئة غزة الوحيدة – صار شاهداً على الوجع، يردد صدى بكاء الأمهات، ويبتلع صرخات العالقين في صمتٍ ثقيل. الأماكن التي كانت تبتهج بالأعراس، غمرها السواد، وصارت موطناً للأكفان.

الزمن هنا لا يُقاس بالساعات، بل بعدد الغارات، وعدد الأحباب الذين غابوا دون وداع. لا تقويم في غزة سوى وجوه الشهداء. العيد يأتي في غير أوانه، والفرح مقيم في المنفى. وحدها الدماء تعرف الطريق، تسيل بصمتٍ مطبق، تخبر العالم أن الحياة هنا ليست

حياة، بل مقاومة للبقاء.

ورغم كل هذا، ما زال في غزة قلبٌ ينبض، وأمٌ تصلي، وطفلٌ يحلم بلعبة، وشجرة زيتون تقاوم النار. في عمق هذا الجحيم، هناك نور صغير اسمه "الكرامة"، لا يطفئه الجوع، ولا يقتله القصف. هو ذاكرة المكان الحقيقية، الذاكرة التي لا تنكسر... ولو استنزفها

الألم.