تل أبيب تركض إلى الملاجئ.. وغــزة تمشي إلى التاريخ

- القطاع المحاصر أنين من القهر والوجع
- الجوع يسكن في أحشاء الغزيين
خرجوا من ديارهم، لا يحملون سوى الخبز اليابس، وبعض العدس، وزيتٍ شحيح في قنينة بلاستيكية مرتجفة،نساءٌ يجررن أطفالًا تغشاهم نوبات من الجوع والبكاء، ورجال يلتفتون خلفهم بألمٍ كأنهم يُنتزعون من الأرض التي ربتهم.
كان النزوح لا يشبه الرحيل، بل كسرًا داخليًا صامتًا، كأنك تخلع قلبك بيدك وتتركه خلفك ينبض وحده.
اقرأ أيضاً : صور لا تكذب.. سقوط هيبة تل أبيب أمام الصواريخ الإيرانية
في المخيمات المؤقتة، لا تُشعل نار إلا لتسخين بعض الماء، ولا يُسمع صوت إلا لأنين الأمهات وقرقرة البطون الخاوية، وأضحى الطعام أمنية، والخبز حُلمًا يتأرجح بين الذاكرة والحرمان. ومع كل ليلة يمرّ فيها القمر من فوق غزة،
يتقلّص الأمل، لكن العزيمة لا تنكسر، إذ أن الذين خرجوا من ديارهم لا ينسون، بل يختزنون الغضب بين أضلعهم كما تختزن الأرض بذور القمح.
تل أبيب... مدينة خاوية من الروح
وفي المقابل، كانت تل أبيب التي لطالما ضجّت بالموسيقى والضوء، قد تحوّلت إلى مدينة خاوية، مسكونة بالصمت والقلق.
لا مقاهي، لا شواطئ مزدحمة، لا وجوه ضاحكة، فرّ أهلها تحت ضربات الصواريخ، يركضون إلى الملاجئ وقد اكتشفوا هشاشة أمنهم المزيّف.
هناك، في قلب المدن التي بُنيت على حطام الآخرين، ساد الفراغ، وتقدّم الخوف على كل صوت آخر.
غزة لا تنحني... بل تزهر من الرماد
رغم كل شيء، غزة لا تنكسر، هي مدينة من نارٍ لا تنطفئ، وأمومةٍ لا تُقهر، وكرامةٍ تعرف طريقها في العتمة.
يخرج أهلها حاملين قلوبهم لا طعامهم فقط، وماضيهم لا أمتعتهم، وأحلامهم التي لا يستطيع الاحتلال مصادرتها. وفي كل خطوة يخطونها، يعلّقون على جدران الزمن وصية: "سنعود، لا لأننا نريد، بل لأننا نَستحق."