على موائد الغياب.. طفل ينتظر الخبز والحياة

Trending|02/06/25
على موائد الغياب.. طفل ينتظر الخبز والحياة
أشخاص يتفقدون الأضرار في موقع غارة استهدفت منزلاً في مخيم النصيرات
  • القطاع رسالة أمل رغم أوجاعه الثقيلة
  • المجاعة معركة في ذروة الأحداث السوداء

وقف الصبي الغزّي عند أطراف الركام، حافي القدمين، يحدّق في الفراغ الذي كان بالأمس بيتًا، مدرسةً، أو حكاية مسروقة من الطفولة.

اقرأ أيضاً : تحت القصــف والخذلان.. أم تصنع معجزة البقاء

كانت السماء فوقه رمادية، كأنها تبكي معه بصمت، الأرض تحته دامعة، مبللة بندى الخوف وصوت القذائف.

لم يبكِ. لم يصرخ. فقط وقف... وعيناه تقولان كل ما عجزت الكلمات عن وصفه.

في وجهه الغضّ تجاعيد لا تليق بعمره، وفي عينيه حزن قرون، لم يفهم السياسة، لم يقرأ بيانات الإدانات ولا سطور القرارات، لكنه فهم تمامًا أن كل هذا الخراب كان أكبر من حلمه الصغير بسيارة لعبة، أو بمقعد قرب نافذة الصف.

مرت طائرات في الأفق، ولم يلتفت، مرّت طواقم الصحافة، ولم يبتسم. مرّت امرأة تصرخ على جثمان، فنظر إليها كمن يحفظ هذا المشهد عن ظهر قلب.

"هل تراني يا الله؟" همس، ولم ينتظر إجابة.

الصبي لم يعد يسأل متى يعود الدفتر، أو الحقيبة، أو حتى البيت. صار يسأل فقط: "كم طفلًا بقي بعدي؟"

كان الجوع في بطنه مثل حجر ثقيل، لا يُسمع له صوت، لكنه يقرع أحشاءه بإلحاح موجع. لم يكن يشتهي طعامًا فاخرًا، بل رغيفًا دافئًا يطفئ نار الانتظار. نظر إلى السماء، كأنها قد تُنزل عليه كسرة خبز، أو حتى رائحة مطبخ بعيد.

كان الجوع في عينيه أكثر وضوحًا من الكلمات، وفي مشيته المتعبة حكاية يوم طويل من التفتيش في الأنقاض، ليس عن الذكريات، بل عن شيء يؤكل.

مرّ على بائع الخبز المغلق، شمّ الرماد بدل الرائحة، وابتلع ريقه اليابس كأنه وجبة، ثم ابتسم... لأن البكاء لم يعد يُشبع.

الجوع هنا ليس فقط في المعدة، بل في الأمل، في السلام، في حضن أم فقدت صوتها من كثرة الطمأنة الكاذبة: "غدًا سنأكل يا حبيبي."

أخبار ذات الصلة